الثلاثاء، 10 يونيو 2014

موقف الدستور المغربي من الإتفاقيات الدولية


جديد الأخبار المغربية :
حرص المغرب منذ حصوله على الاستقلال على الانخراط في المنظومة الكونية لحقوق الإنسان، وذلك بمصادقته وانضمامه للعديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، مؤمنا بأن هذه المواثيق تعتبر كسبا ديمقراطيا وحقوقيا كبيرا له ولغيره من البلدان التي تنشد تحقيق ديمقراطية فعلية في كل المجالات ،
لكن السؤال المطروح والذي سبق وأن أسيل الكثير من المداد بشأنه هو: 
لمن تكون الأولوية حين تعارض نص قانوني ومعاهدة دولية؟ هل الترجيح يكون لمقتضيات الاتفاقيات الدولية أم للتشريع الوطني؟
بعد إعلان المغرب عن تعلقه التام بمبادئ مؤتمر - باندونغ -  أو Bandung Conférence  هو مؤتمر عقد بمدينة باندونغ الاندونيسية في 18 أبريل 1955 (26 شعبان 1374)، حضرته وفود 29 دولة افريقية وأسيوية، استمر لمدة ستة (6) أيام، وكان النواة الأولى لنشأة حركة عدم الانحياز،ووفاءه لجامعة الدول العربية، وهي منظمة تضم دولا في الشرق الأوسط وإفريقيا، تأسست في 22 مارس 1945، ويعتبر أعضاؤها دولا عربية. المقر الدائم لجامعة الدول العربية في القاهرة عاصمة مصر، وأمينها العام الحالي هو الدكتور نبيل العربي. والمغرب عضو في هذه الجامعة منذ سنة 1958، ولميثاق منظمة الأمم المتحدة في 26 يونيو 1945 في سان فرانسيسكو في ختام مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بنظام الهيئة الدولية، وأصبح نافذا في 24 أكتوبر 1945 .
إرتقى بإعلان دستور1962   الذي جاء فيه "  إدراكا منها لضرورة إدراج عملها في إطار المنظمات الدولية، فإن المملكة المغربية التي أصبحت عضوا عاملا نشيطا في هذه المنظمات، تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات ".
وستتم في المراجعة الدستورية لسنة 1992 إضافة " ...وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا...".
وأصبح هذا الإلتزام من التوابث في دستور 1996[9] بعدم تعرضه لأي تعديل. 
 وحسما لكل خلاف مرتبط بهذه المسألة، جاء في تصدير الدستور الجديد 2011 التزام واضح بقواعد القانون الدولي المصادق عليها من طرف المملكة المغربية. " ...فإن المملكة المغربية...تؤكد وتلتزم بما يلي : "جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة". 
 ويمكن تحديد ملامح ومظاهر الأولوية في التشريع المغربي من خلال عدة تشريعات متفرقة من بينها:
  1. قانون الجنسية : والذي نص في مادته الأولى (1) بخصوص المصادر القانونية في مادة الجنسية على أن الأحكام المتعلقة بالجنسية المغربية تحدد بموجب القانون، وعند الاقتضاء بمقتضى المعاهدات أو الأوفاق الدولية المتعلقة بالجنسية المصادق عليها والموافق على نشرها والتي ترجح على أحكام القانون الداخلي. إذن فمقتضيات المعاهدات أو الأوفاق الدولية المصادق عليها والموافق على نشرها ترجح على أحكام القانون الداخلي.
  2. ظهير تسليم المجرمين الأجانب إلى حكومتهم ، نص في مادته الأولى (1) على أن التسليم والمسطرة المتبعة في هذا الشأن تخضع للفصول التالية ما لم تكن هناك مقتضيات مخالفة لها ناجمة عن المعاهدات.
  3. القانون المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة ، نص صراحة على هذا المبدأ من خلال منطوق  المادة 68 : " إن مقتضيات أي معاهدة دولية متعلقة بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة والتي تكون المملكة المغربية قد صادقت عليها، تعتبر قابلة للتطبيق على الحالات المنصوص عليها في هذا القانون.
وفي حالة وجود تعارض بين مقتضيات هذا القانون ومقتضيات معاهدة دولية صادقت عليها المملكة المغربية، تطبق مقتضيات المعاهدات الدولية".
  1. القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية ، ينص في مادته 713 على أولوية الاتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية فيما يخص التعاون القضائي مع الدولة الأجنبية، وهو ما تؤكده الفقرة الأخيرة من المادة 724 فيما يخص تسليم المجرمين  والمادة 741 التي تنص على أنه : "يكون التسليم  الذي تحصل عليه السلطات المغربية باطلا إذا تم إجراؤه في غير الأحوال المنصوص عليها في هذا القانون، ما عدا إذا نصت اتفاقيات دولية نافذة المفعول على مقتضيات مخالفة".
  2. بل إن ديباجة هذا القانون اعتبرت أن : "... مصادقة المملكة المغربية على جملة من المواثيق والاتفاقيات الدولية أصبحت تفرض تدخل المشرع من أجل ملاءمة قانونه مع التوجه العالمي"؛ وأن القانون الجديد سلك في معالجته لقضايا الأحداث اعتماد مبادئ الشريعة الإسلامية وأحكام الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية.
  3. - قانون المحاماة : تنص المادة 5 من هذا القانون على أنه يشترط في المرشح لمهنة المحاماة أن يكون مغربيا أو من رعايا دولة بينها وبين المملكة المغربية اتفاقية تسمح لمواطني كل الدولتين بممارسة مهنة المحاماة في الدولة الأخرى.
  4. - القانون المتعلق بحماية الملكية الصناعية : تنص المادة 3 على أنه يستفيد من الحماية رعايا البلدان المشتركة في كل معاهدة مبرمة في مجال الملكية الصناعية يكون المغرب طرفا فيها وينص في أحكامها بالنسبة لرعاياه على معاملة لا تقل عن المعاملة التي يستفيد منها بالبلدان المعنية.                                                                                                            ويبدو جليا من خلال هذه النصوص تفاوت القيمة القانونية للقانون الدولي من تشريع وطني لأخر وذلك إما من خلال مجرد الإحالة عليه أو من خلال الاعتراف صراحة بسموه على القانون الداخلي عند التعارض. 

ليست هناك تعليقات: