الأربعاء، 11 يونيو 2014

التنمية هي العلم حين يصبح ثقافة




عالم المستقبليات الدكتور المهدي المنجرة  :
إنتبه الدكتور المهدي المنجرة مبكّرا إلى قيمة الربط بين العلم والثقافة ، بل وانتبه إلى أن الفعل الفكري والثقافي لا يعني ممارسة الخطابة وحسب ، بل إيلاء المعرفة العلمية القيمة التي تستحقّها في الحياة اليومية ، وفي كلّ مشروع للتنمية يرمي إلى تحويل العلم إلى ملك مشاع بين الناس ،
 حتى لا يظل مجرد سلوك مختبري أو لغة خاصة تتداولها النخبة في الجامعات والأكاديميات ، وفي معرض سؤاله حول ما يعنيه بقوله أنّ : "التنمية هي العلم حين يصبح ثقافة" ؟ وكيف وجد هذا النوع من التفكير طريقه إلى تأملاته وأبحاثه الفكرية والمستقبلية ؟ فكان جوابه حسب ماجاء في سيرته الذاتية الواردة في كتاب "مسار فكر" ، لصاحبيه محمد بهجاجي وحسن نجمي على الشكل التالي :
وردت هذه الفكرة التي هي ( التنمية هي العلم حين يصببح ثقافة )، من طرف  "روني ماهو" الذي كان يشغل حينها منصب المدير العام لمنظمة اليونيسكو ، في محاضرة ألقـاها بمعهـد الدراسـات الإقتصـادية ببـاريس في بـداية الستـينـات ، وقد شكّـلت هذه الفكـرة في الواقـع جوهـر كتـابـاتـي وتحليـلاتـي فيـما بعد ، لأن التنمية بـدون تـأطيـر ثقـافـي لا تعـثبر تـنمية ، والعلـم إذا ظـلّ صرفـا دون أن يشكّـل جـزءا مـن الفعـل الثقـافي يصبـح آليـا ، ومن تـمّ فـإنّ كـلّ مسـار تـنمـوي رهـين بمـدى إدمـاج العلـم في الثقـافـة ، الّتـي هي المحـدّد الأساسي لقيـم وهـويـات الأفـراد والجمـاعـات ، فهنـاك أشيـاء كثيـرة قابلـة للإستعـارة مـن الآخـرين إلّا المكـوّن الثقـافي ، فهو وحـده الّـذي يميّـز هـذا الفـرد أو هذه الحضـارة عـن الآخـرين ، وحـول هـذه النقطـة بالـذات تقـوم ـ حـاليـا ـ الحـرب الحضـارية الّـتي تميّـز مرحـلة ما بعـد الإستعـماـر، والّـتي تستهـدف بالأسـاس السيطـرة علـى العــالـم .
لقـد قـرأت في عـدد من أعـداد (لوموند ديبلوماتيك) مقـالا لكـاتـب مـن الأورغـواي ، ينبّـه إلـى طبيعـة الإحتكـار السـائـد للإعـلام والصـور والمعـلومـات ، في خطّـة كبـرى لإمتـلاك الـدول وإخضـاعـهـا للـسيـطــرة .
ومـا يقـوم بـه المغـرب من مجهـود كبيـر ، لإقـرار القـيم اليهـودية والمسيحـية هـو خطّــة مـدروسـة بشكـل متقـن ، لكـنّ الشـئ الجـديـد هـو أنّ المقـاومـة في مرحـلة الإستعمـار ، كانـت تتجـلّى فـي كلّ الفعّـاليـات الإنسـانيـة بما فيـها النشـاط الريـاضـي أو المـوسيقـي ، أمّـا اليـوم فقـد صـرنـا نـلاحـظ وجـود تعـاون مـن لـدن عنـاصـر ، يشغلـون منـاصـب كبـرى في دول العـالـم الثـالـث وهـو مـا ينبغـي الإنتبــاه إلـيـه .
إنّ التـركيـز علـى أن تكـون "التنمية هي العلـم حين يصبح ثقافة"، يعنـي أيضـا مبـدأ التعـدّد الحضـاري الـذي أدافـع عنه بـاستمـرار ، وهو ما يعنـي مصلحـة الحضـارة الإنسـانيـة جمعــاء .
وللأسـف الشـديـد فـإنّ السيـاسييـن في العـالـم الثـالـث ، لم يولّـوا بعـد الأهمّـية الكـافيـة للمـرجـع الثقـافـي والحضـاري ، ولم يستحضـروه في مشـاريـع وبـرامـج بلـدانـهم ، الأمـر الـذي يجعـل هـذا العـالـم الثـالـ أمـام مشـاكـل تنمـويـة حقـيـقـيــة .

ليست هناك تعليقات: